کد مطلب:335825 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:160

محاورة أخری أظرف
وفی نهایة المطاف ولتعمیم الفائدة أری من المناسب أن أنقل للقارئ الكریم

المحاورة التی جرت بین أبی حنیفة وفضال بن الحسین بن فضال الكوفی علی ما نقلها الشیخ قطب الدین أبو الحسن سعد بن هبة الله الراوندی فی سنة (573 ه‍) فی كتابه الخرایج والجرایح، قال: لما أراد الحسین علیه السلام أن یدفن الحسن علیه السلام عند جده أتی مروان بن الحكم ومن معه من بنی أمیة وقال: أیدفن عثمان أقصی المدینة ویدفن الحسن مع النبی لا یكون ذلك أبدا. ولحقت عائشة علی بغل وهی تقول: ما لی ولكم أتریدون أن تدخلوا بیتی من لا أحب. فقال ابن عباس لمروان: انصرفوا لا نرید دفن صاحبنا فإنه كان أعلم وأعرف بحرمة جده رسول الله صلی الله علیه وآله من غیر أن یطرق علیه. هجما كما طرق علیه غیره هجما بیته بغیر إذنه انصرف ونحن ندفنه بالبقیع كما وصی. ثم قال لعائشة: وا سوأتاه یوما علی جمل ویوما علی بغل، وفی روایة یوما تجملت ویوما تبغلت وإن عشت تفیلت. فأخذ الشاعر الحسین بن الحجاج البغدادی فقال:

یا بنت أبی بكر

لا كان ولا كنت

لك التسع من الثمن

وبالكل تحكمت



[ صفحه 283]



تجملتی [1] تبغلتی [2] .

وإن عشت تفیلتی

قال الراوندی: بیان قوله لك التسع من الثمن إنما كان فی مناظرة فضال بن الحسین بن فضال الكوفی مع أبی حنیفة فقال له فضال: قول الله تعالی: (یا أیها الذین آمنوا لا تدخلوا بیوت النبی إلا أن یؤذن لكم). منسوخ أو غیر منسوخ قال: غیر منسوخ. قال: ما تقول فی خیر الناس بعد رسول الله أبو بكر أو علی بن أبی طالب علیه السلام؟ فقال: أما علمت أنهما ضجیعا رسول الله صلی الله علیه وآله فی قبره فأی حجة ترید أوضح من هذه فی فضلهما. فقال له فضال: لقد ظلما إذا أوصیا بدفنهما فی موضع لیس لهما فیه حق وإن كان الموضع لهما ووهباه من رسول الله لقد أساءا إذا رجعا فی هبتهما ونكثا عهدهما، وقد أقررت أن قوله تعالی: (لا تدخلوا بیوت النبی إلا أن یؤذن لكم) غیر منسوخ فأطرق ثم قال: لم یكن له ولا لهما خاصة لكنهما نظرا فی حق عائشة وحفصة فاستحقا



[ صفحه 284]



الدفن فی ذلك الموضع بحقوق ابنتیهما. فقال له فضال: أنت تعلم أن النبی صلی الله علیه وآله مات عن تسع حشایا وكان لهن الثمن لمكان فاطمة فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن ثم نظرنا فی تسع الثمن فإذا هو شبر فی شبره والحجرة كذا وكذا طولا وعرضا فكیف یستحق الرجلان أكثر من ذلك. وبعد فما بال عائشة وحفصة یرثان رسول الله صلی الله علیه وآله وفاطمة بنته لا ترثه ومنعت المیراث فالمناقضة ظاهرة فی ذلك من وجوه كثیرة. فقال أبو حنیفة نحوه عینی فإنه رافضی خبیث [3] .

نعم هكذا كان الجدل، مقارعة الحجة بالحجة فهذه الإشاعة لیست إلا تهربا من الدلیل. وهكذا كانت سیرة المخالفین حین لا یجدون جوابا یتهمون الآخرین بالرفض وهكذا كانت سیاسة القوم تعتمد علی التأویل والتبریر والإشاعات والأبواق المأجورة للتغطیة علی الحقائق حیث منعوا بضعة الرسول صلی الله علیه وآله السیدة فاطمة من جمیع حقوقها الشرعیة والاجتماعیة حتی ماتت حزنا وأسی.


[1] إشارة إلي ركوبها الجمل.

[2] إشارة إلي ركوبها البغلة يوم منعت دفن الحسن بجانب جده.

[3] الخرايج والجرايح: ص 24، بحر المعارف: ص 144.